"مفهوم الألوان بين النظرية و التطبيق
دراسة فيزيائية و نفسية و فنية :
و مجالات العمل باللون في مختلف نواحي الحياة و استعمالاتها في الدعاية و الإعلان و الديكور و الرسم و العمارة و الطباعة و التصوير و الزخرفة و الفوتوغرافيا و في تقنيات مختلفة السينما و التلفزيون و الكمبيوتر و في الحياة اليومية 0
مقدمة :
تعتبر الألوان الوجه الأجمل للعالم أو زينة العالم و تصوّر العالم بلا ألوان كم هو حزين و ممل 0
إن علاقة الإنسان باللون علاقة نظرية تطبيقية يسعى لملائمة ما يحيط به ساعياً للأجمل و الأكمل فالإنسان منذ اللحظات الأولى ليومه يبدأ باختيار و انتقاء الأجمل له فيقف أمام المرآة يراقب الأفضل من حيث تسريحة شعره أو إنسجام ملابسه مع بعضها و هذا الأمر يعود إلى مدى تذوقه للعلاقات اللونية 0
و الآن أصبح مفهوم الألوان عالم قائم بذاته بكل المعايير و الخوض في هذا الأمر يحتاج إلى تفصيلات كثيرة منها الفيزيائية و النفسية 0
1- علم الألوان من الناحية الفيزيائية :
إن الأشعة اللونية ينتج عنها موجات تحمل طاقة كهرطيسية فنور الشمس أو المصباح الكهربائي يتألف من أشعة تختلف في أطوال موجاتها و ذبذباتها و تقاس أطوال هذه الموجات بوحدات دقيقة جداً هي ( ميكرون ) و تساوي(1/1000) مم أو ميكرون أو نانومتر يساوي (1/1000000) مم 0
و لا ترى العين البشرية سوى الأشعة التي تنحصر أطوال موجاتها بين /400-800/ ميليميكرون تقريباً 0
و يمكن تحديد لون أي شعاع محلل بواسطة الموشور الثلاثي بذكر طول موجته و عدد ذبذباته في الثانية و قد قام العالم نيوتن بهذا التحليل بتجربة مرور أشعة الشمس عبر الموشور الثلاثي :
فتحللت هذه الأشعة إلى حزمة أشعة مؤلفة من الأوان التالية: كما هو موضح ضمن الجدول و بأطوال الموجات و عدد ذبذباتها في الثانية :
لون الشعاع--- طول الموجه للشعاع ميليميكرون--- عدد الذبذبات – بليون في الثانية
أحمر
برتقالي
أصفر
أخضر
أزرق
أزرق بنفسجي
بنفسجي
-------------------------------------------
800-650
640-590
580-550
530-490
480-460
450-440
430-390
-----------------------------------------
400-470
470-520
590- 650
650-700
700-760
700-760
760-800
و من الناحية الفيزيائية يعتبر كل سطح أو شكل أو جسم عديم اللون فإذا ما سلطنا عليه شعاعاً أبيض كشعاع الشمس مثلاً نرى أن هذا السطح يمتص حسب تركيبه الذري موجات شعاعية معينة و يعكس موجات شعاعية أخرى و هذه الموجات الشعاعية المعكوسة هي التي تراها العين و لونها يبدو و كأنه ينبع من ذات الشكل و يمثل لونه و سطحه 0
فالسطح الذي يعكس كل أشعة النور الأبيض و لا يمتص أي شعاع منها لا بد أن يكون لونه أبيض و السطح الذي يمتص كل أشعة النور الأبيض و لا يعكس أي شعاع منها لا بد و أن يكون لونه أسود 0
و من هنا نجد أن لون سطح ما يتعلق بتكوينه الخارجي و بالتالي بقدرته على عكس نوع معين من الأشعة أو امتصاص حسب تركيبه الكيميائي أو الذري و نظام الإلكترونات و لا يمكن رؤية اللون الحقيقي لسطح ما إلا تحت أشعة بيضاء فقط فنحن لا نرى لون الثلج إلا تحت أشعة بيضاء فتحت أشعة صفراء يبدو أصفر و تحت أشعة حمراء يبدو احمر و هكذا 0
- العين و النور و تكون اللون :
تثمل العين جواباً على النور و ليس شرطاً لوجوده و يعتبر النور غذاءً ضرورياً للجهاز العصبي عامة و للعين خاصة 0
كلنا يعرف أن العين تنقل الصورة مقلوبة على طبقتها الشبكية و لا شك أن العملية معقدة جداً حيث تتحول فيه أجزاء الصورة إلى طاقات مختلفة تحس بها أعصاب الرؤية و تترجمها إلى إحساسات و مشاعر نعيشها و نحس بها ليس في مجال العين فقط بل في كل الأعضاء و من الأمثلة على ذلك رؤية طعام شهي و ما يرافقه من تنشيط لغدد اللعاب و عصارات المعدة و الأمعاء
و تتعلق قوة الرؤيا في العين بطول موجة الشعاع الذي تستقبله لذا نلاحظ قصراً في النظر تجاه الألوان الباردة و خاصة اللون الأزرق و قوة و بعداً اتجاه الألوان الحارة فتبدو قريبة منا و خاصة اللون الأحمر 0
أما اللون الأصفر فإن العين تشعر بحساسية كبيرة اتجاهه أي حساسية ناتجة عن فتاحة اللون كما أن العين تشعر بحساسية قوية للون البرتقالي و تسمى حساسية لونية لأنها ناتجة عن اللون 0
و حسب نظرية ( سيجال ) توجد ثلاثة مجالات في طبقة العين الشبكية لتحسس الألوان : المجال الأحمر ( موجات طويلة ) و المجال الأخضر ( موجات متوسطة ) و المجال الأزرق البنفسجي ( موجات قصيرة ) 0
قوانين الألوان :
-تشبع اللون : إن لكل لون درجة تشبع قصوى لا تزيد و لا تنقص و تتعلق درجة التشبع للون بكثافة ذراته اللونية أي بعدد الدرات اللونية الموجودة في كمية معينة من هذا اللون و عملية مزج أبيض و أسود مع رمادي يعني زيادة فتاحة هذا اللون أو تغميقه أو تعكيره أي تخفيف درجة تشبعه النسبية 0
-فتاحة اللون و قيمته اللونية :
-يمكن تعيين درجة فتاحة لون بمقارنته مع درجات مختلفة من الرمادي تبدأ ما بعد الأبيض و تنتهي قبل الأسود فبالمقارنة نجد أن اللون الأصفر على أرضية سوداء أفتح منه على أرضية بيضاء 0
و هناك ما نسميه الفتاحة الذاتية للون أي يكون اللون أفتح من اللون الأصلي الصافي و آخر أغمق منه و نستنتج من ذلك أن اللون يقوى و يشع بتشبعه بالذرات اللونية و يفقد بقلة هذه الذرات مع قوته و أشعاعه
- الألوان الأصلية :
يعتبر( غوته ) الألوان الأصلية تتألف من لونين : الأصفر و قد اشتق من النور و النهار و الأزرق و قد اشتق من المساء و السماء 0
و قال إن كلا اللونين قابل للتصعيد و لكيلهما صفة مشتركة و هي قبول اللون الأحمر و قبولهما للمزج أحدهما مع الآخر فينتج اللون الأخضر الذي يحل التوتر الناتج عن قطبيهما و من الصعب تصورا مكان تصعيد اللون الأصفر أو الأزرق إلى الأحمر 0
و قد بنى بريس أساساً للألوان يتألف من شكل مكعب يحتوي على ألف لون و هذه الألوان تستند على ثلاثة ألوان أصلية هي الأصفر و الأرجواني و الأحمر و الأزرق الجليدي و أعطى لكل لون من الثلاثة في درجة تشبعه القصوى الرقم 9 0
أي أنه قسّم درجات تشبع الألوان الأصلية إلى عشر درجات تبدأ بالصفر ( أبيض ) و تنتهي 9(تشبع كامل ) فاللون الأصفر يحمل الرقم (900) و الأرجواني الأحمر (190) و اللون الأزرق الجليدي (009) و هذا يعني إن اللون رقم (990) لا بد أن يكون برتقالياً لأنه مؤلف من أصفر و أحمر و الرقم (909) أخضر لأنه يتألف من (900) أصفر + (009) أزرق = (909) أخضر لأن الأزرق (3) أضعف في اشعاعه من الأصفر (9) و الرقم (333) يعني اللون الرمادي و الرقم (999) يمثل جميع الألوان في المطابع 0
و في الحقيقة تكفي نظرية الألوان الأصلية الثلاثة للوصول عن طريق المزج الجمعي بين هذه الألوان إلى بقية الألوان 0
دائرة الألوان الاثني عشرة :
و هي عبارة عن دائرة تضم (12) لوناً ناتجة عن تحليل الشعاع الأبيض بواسطة موشور ثلاثي و يكون ترتيب هذه اللوان على الشكل التالي : أصفر – أصفر برتقالي – برتقالي – أحمر برتقالي – أحمر – أحمر بنفسجي – بنفسجي – أزرق بنفسجي – أزرق – أزرق أخضر – أخضر – أصفر أخضر 0 كما في الشكل (2)
و كمثال على تسمية الألوان نقول / أصفر ( لون أصلي ) برتقالي (لون فرعي من الدرجة الأولى ) = أصفر برتقالي ( لون فرعي من الدرجة الثانية ) 0
أما مزج الألوان هنا يختلف عن مزج الأشعة الملونة نمزج كل لونين يعني نتيجة لعملية المزج ادخال نسبة من الرمادي إلى كل لون و يزداد الغشاء الرمادي قوة بمزج لون مع جاره مباشرة و تصل قوة الرمادي أقصى درجاتها بمزج لون مع اللون المقابل له في الدائرة أي مع اللون الذي ينسجم معه 0
حدود اللون و عائلته :
إذا ألقينا نظرة على دائرة ألوان سداسية ( شكل 3 ) و تتبعنا حدود الألوان الأصلية الثلاثة لرأينا أن حدود اللون الأحمر تمتد حتى حدود اللون الأزرق عبر البنفسجي من ناحية و حتى حدود اللون الأصفر عبر البرتقالي من ناحية أخرى و نلاحظ أن ثلث الدائرة يخلو من اللون الأحمر و حدود اللون الأصفر تمتد حتى حدود اللون الأحمر عبر البرتقالي و حتى حدود اللون الأزرق عبر اللون الأخضر من ناحية أخرى و نلاحظ أن ثلث الدائرة يخلو من أثر اللون الأصفر و كذلك حدود اللون الأزرق تمتد حتى حدود اللون الأصفر عن اللون الأخضر من ناحية و حتى حدود اللون الأحمر عبر البنفسجي من ناحية أخرى و نلاحظ أن ثلث الدائرة يخلو من أثر اللون الأزرق 0
أما بالنسبة لتحليل عائلة اللون فإننا نجد مثلاً أن عائلة اللون الأصفر صغيرة بينما الأخضر أكبر بكثير ( اخضر وسط بين الأصفر – الأزرق ) و إننا نجد قرابة قوية بين اللون الأصفر و اللون الأحمر أما الألوان البنية فتشكل عائلة مستقلة و اللون الأصفر أكثر الألوان حساسية ( فنقطة صغيرة من الأزرق تجعله ينتقل إلى المجال الأخضر و نقطة حمراء تجعله ينتقل إلى البرتقالي 0
أما الأزرق النقي ( بحري – كوبالت ) فإن معدله في الاستعمال مع جاراته و لكنها تملك مجال أوسع بين الفتاحة و الغماقة 0
و مجال اللون البنفسجي واسع جداً و يمتد بين لونين متضادين الأحمر و الأزرق ( نار – ما ء )
سلسلة محاضرات
للأستاذ نبيه بلان
Bookmarks